للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولولا المُمْسِكةُ كيف كان الطَّعام يذهبُ (١) في الجوف حتى تَهْضِمَه المعدة؟!

ولولا الهاضمةُ كيف كان ينطبِخُ (٢) حتى يَخْلُصَ منه الصَّفوُ إلى سائر أجزاء البدن وأعماقه؟!

ولولا الدَّافعةُ كيف كان الثُّفْلُ المؤذي القاتلُ لو انحبَس يخرجُ أوَّلًا فأوَّلًا، فيستريحُ البدن، فيخفُّ ويَنْشَط؟!

فتأمَّل كيف وُكِّلت هذه القُوى بك والقيام بمصالحك.

فالبدنُ كدارٍ للمَلِك فيها حشَمُه وخدمُه، قد وكَّل بتلك الدَّار قُوَّامًا (٣) يقومون بمصالحها، فبعضهم لاقتضاء حوائجها وإيرادها عليها (٤)، وبعضهم لقبض الوارد وحِفظه وخَزْنه إلى أن يُهيَّأ ويُصْلح، وبعضهم يقبضه فيهيِّئه ويصلحُه ويدفعُه إلى أهل الدَّار ويفرِّقُه عليهم بحسب حاجاتهم، وبعضهم لكَسْح الدَّار (٥) وتنظيفها وكَنْسِها من الزِّبْل والأقذار.

فالمَلِك: هو المَلِكُ الحقُّ المبينُ جلَّ جلاله، والدَّار: أنت (٦)، والحَشَم والخدم: الأعضاءُ والجوارح، والقُوَّامُ عليها: هذه القُوى التي


(١) (ر، ض): «يلبث».
(٢) (ن، ح): «يطبخ». والمثبت من (د، ق، ت، ر، ض).
(٣) في الأصول: «أقواما». تحريف. والتصحيح من (ر، ض). وستأتي على الصواب في آخر الفقرة.
(٤) (ر): «لقضاء حوائج الحشم وإيرادها عليهم».
(٥) الكَسْح: الكَنْس. وفي (ح): «لمسح الدار».
(٦) (ر، ض): «والدار هي البدن».