للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاختصاص، ولم يتهيَّأ منك ما تهيَّأ من هذه النِّصبة (١).

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: ٧٠]؛ فسبحان من ألبَس خِلَع الكرامة كلَّها لبني آدم؛ من العقل، والعلم، والبيان، والنُّطق، والشَّكل، والصُّورة الحسنة، والهيئة الشريفة، والقدِّ المعتدل، واكتساب العلوم بالاستدلال والفِكْر، واقتناص الأخلاق الشريفة الفاضلة من البرِّ والطَّاعة (٢) والانقياد؛ فكم بين حاله وهو نطفةٌ داخلٌ إلى الرَّحِم، مستَودَعٌ هناك، وبين حاله والمَلَكُ يدخلُ عليه في جنَّات عَدْن (٣)؛ فتبارك الله ربُّ العالمين وأحسنُ الخالقين.

فالدُّنيا قرية، والمؤمنُ رئيسُها (٤)، والكلُّ مشغولٌ به ساعٍ في مصالحه تسخُّرًا وتذليلًا، وهو مشغولٌ بربِّه وخالقه (٥)، والكلُّ قد أُقِيم في خدمته وحوائجه؛ فالملائكةُ الذين هم حملةُ عرش الرحمن ومَنْ حوله يستغفرون له، والملائكةُ الموكَّلون به يحفظونه، والموكَّلون بالقَطر والنَّبات يسعَون في


(١) وهي «هيئة المتمكن في المكان، كقيامه فيه أو قعوده أو بروكه أو اضطجاعه وما أشبه ذلك». «التقريب لحد المنطق» لابن حزم (٤/ ١٧٠ - رسائله). وتحرفت في الأصول، (ق): «المنصة». (ح): «النسبية». (ت، د): «المنصبة». (ن): «النسبة».
(٢) (ق، ت): «بالبر والطاعة».
(٣) (ت، د، ق): «والملك يدخل به على ربه في جنات عدن». والمثبت أحسن؛ وهو إشارةٌ إلى آية الرعد: ٢٣.
(٤) (ت): «زينتها».
(٥) من قوله: «تسخرا» إلى هنا ليس في (ح، ن).