للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المسجد فقال: ما يُجْلِسُكم؟ قالوا: جلسنا نذكرُ الله عز وجل، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك. قال: أمَا إني لم أستحلفكم تهمةً لكم، وما كان أحدٌ بمنزلتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقلَّ حديثًا عنه منِّي؛ إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على حلقةٍ من أصحابه، قال: «ما يُجْلِسُكم؟» قالوا: جلسنا نذكرُ الله ونحمدُه لِمَا هدانا للإسلام ومنَّ علينا بك. قال: «آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟» قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك. قال: «أمَا إني لم أستحلفكم تهمةً لكم؛ إنه أتاني جبريل فأخبرني أنَّ الله تعالى يباهي بكم الملائكة» (١).

قال الترمذي: «هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأبو نَعامة السَّعدي اسمه عمرو بن عيسى، وأبو عثمان النهدي اسمه عبد الرحمن بن مُلّ».

فهؤلاء كانوا قد جلسوا يحمدونَ الله بذكر أوصافه وآلائه، ويُثْنونَ عليه بذلك، ويذكرونَ حُسْنَ الإسلام، ويعترفونَ لله بالفضل العظيم إذ هداهم له ومنَّ عليهم برسوله.

وهذا أشرفُ علمٍ على الإطلاق، ولا يُعنى به إلا الراسخون في العلم؛ فإنه يتضمَّنُ معرفة الله وصفاته وأفعاله ودينه ورسوله، ومحبَّة ذلك وتعظيمَه والفرحَ به، وأحرى بأصحاب (٢) هذا العلم أن يباهي اللهُ بهم الملائكة.

وقد بشَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الرجلَ الذي كان يحبُّ سورةَ الإخلاص، وقال:


(١) «جامع الترمذي» (٣٣٧٩). وأخرجه مسلم في «صحيحه» (٢٧٠١)، وابن حبان في «صحيحه» (٨١٣) بالإسناد نفسه.
(٢) (ن): «وأحر بأصحاب». (ت): «وأجر أصحاب».