للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاختيار لا ينافي كونه اختياريًّا.

الوجه السَّادس: أنَّ هذا الدَّليل الذي ذكرتَه بعينه حجَّةٌ على أنه اختياريٌّ؛ لأنه وجب بالاختيار، وما وجب بالاختيار لا يكونُ إلا اختياريًّا، وإلا كان اختياريًّا غيرَ اختياريٍّ، وهو جمعٌ بين النقيضين، والدَّليلُ المذكورُ حجَّةٌ على فساد قولك، وأنَّ الفعل والواجب بالاختيار اختياريٌّ.

الوجه السَّابع: أنَّ صدور الفعل عن المختار بشرط (١) تعلُّق اختياره به لا ينافي كونه مقدورًا له، وإلا كانت إرادتُه وقدرتُه غير مشروطةٍ في الفعل، وهو محال، وإذا لم يناف ذلك كونَه مقدورًا فهو اختياريٌّ قطعًا.

الوجه الثَّامن: قولك: «إن لم يتوقَّف على مرجِّحٍ فهو اتفاقيٌّ».

إن عنيتَ بالمرجِّح ما يُخْرِجُ الفعلَ عن أن يكون اختياريًّا ويجعله اضطراريًّا، فلا يلزمُ من نفي هذا المرجِّح كونه اتفاقيًّا؛ إذ هذا مرجِّحٌ خاصٌّ، ولا يلزم من نفي المرجِّح المعيَّن نفيُ مطلق المرجِّح (٢)، فما المانعُ من أن يتوقَّف على مرجِّحٍ ولا يجعله اضطراريًّا غيرَ اختياريٍّ؟

وإن عنيتَ بالمرجِّح ما هو أعمُّ من ذلك لم يلزم مِنْ توقُّفه على المرجِّح الأعمِّ أن يكون غير اختياريٍّ؛ لأنَّ المرجِّح هو الاختيار، وما ترجَّح بالاختيار لم يمتنع كونُه اختياريًّا.


(١) (ت، ق): «شرط».
(٢) (ت): «ولا يلزم من نفي المرجح المعين على المطلق المرجح». وفي (ق): «ولا يلزم من نفي المرجح المعين نفي المطلق المترجح». والمثبت من (ط)، وهو الذي يقتضيه السياق.