للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنهي، فكيف يعرفه على صفةٍ يريدُ منه طاعةً فيستحقُّ عليها ثوابًا، أو يكره منه معصيةً يستحقُّ عليها عقابًا.

وإذ لا أمرَ ولا نهيَ يُعْقَلُ فلا طاعة ولا معصية؛ إذ هما فرعُ الأمر والنهي، فلا ثوابَ ولا عقاب إذَن؛ إذ هما فرعُ الطَّاعة والمعصية.

وغايةُ ما يقولون: إنه يخلُق في الهواء أو في شجرةٍ (١): «افعَل» أو: «لا تفعل»، بشرط أن لا يدلَّ الأمرُ والنهيُ المخلوقُ على صفةٍ في ذاته غيرَ كونه عالمًا قادرًا.

ومعلومٌ أنَّ هذا لا يدلُّ إلا على كونِ الفاعلِ قادرًا عالمًا حيًّا، مريدًا لفعلِه، وأمَّا دلالتُه على حقيقة الأمر والنهي المستلزمة للطَّاعة والمعصية المستلزمَيْن للثَّواب والعقاب فلا.

فلْيُعْرَف (٢) من ذلك أنَّ من نفى قيام الكلام والأمر والنهي (٣) بذات الله لم يمكنه إثباتُ التكليف على العبد أبدًا، ولا إثباتُ حُكمٍ للفعل بحُسْنٍ ولا قُبح، وفي ذلك إبطالُ الشَّرائع جملةً، مع استنادها إلى قول من قامت البراهينُ على صدقه، ودلَّت المعجزةُ على نبوَّته، فضلًا عن الأحكام العقلية المتعارضة المستندة إلى عادات النَّاس المختلفة؛ بالإضافة والنِّسَب والأزمنة والأمكنة والأقوال.


(١) مهملة في (د). وفي (ق، ت): «بحره». وهو تحريف. والمثبت من «نهاية الأقدام». وانظر: «مجموع الفتاوى» (٦/ ٨٤، ١٢/ ٥٠٣)، و «بغية المرتاد» (١/ ٣٨٣)، و «الأصفهانية» (٢٤٧)، وغيرها.
(٢) في الأصول: «فلنعرف». والمثبت من «نهاية الأقدام».
(٣) (ت): «قيام الأمر والنهي». وفي «نهاية الأقدام»: «من نفى الأمر الأزلي».