للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعَله أو لم يفعله (١).

وتلقَّى هذا القولَ عنهم طوائفُ من أهل العلم (٢)، وفسَّروا الحديثَ به وأسنَدوا ذلك وقوَّوهُ بآياتٍ وآثارٍ زعموا أنها تدلُّ عليه:

كقوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: ١١٨]، يعني لم تتصرَّف في غير مُلكِك، بل إن عذَّبتَ عذَّبتَ من تملِك.

وعلى هذا، فجوَّزوا تعذيبَ كلِّ عبد له ولو كان محسِنًا، ولم يرَوا ذلكَ ظلمًا.

وبقوله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣].

وبقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله لو عذَّبَ أهلَ سماواته وأهلَ أرضه لعذَّبهم وهو غيرُ ظالمٍ لهم» (٣).

وبقوله - صلى الله عليه وسلم - في دعاء الهمِّ والحزن: «اللهمَّ إني عبدُك وابنُ عبدك، ماضٍ فيَّ حُكمُك، عَدلٌ فيَّ قضاؤك» (٤).

وبما رُوِي عن إياس بن معاوية قال: ما ناظرتُ بعقلي كلِّه أحدًا إلا القَدَريَّة، قلتُ لهم: ما الظُّلم؟ قالوا: أن تأخذَ ما ليس لك، أو أن تتصرَّف فيما


(١) وهذا قول الجهمية والأشاعرة ومن وافقهم. انظر «غاية المرام» للآمدي (٢٤٥) وحاشيته، و «جامع الرسائل» (١/ ١٢٢).
(٢) من أهل الإثبات، من أصحاب مالك والشافعي وأحمد ومن شرَّاح الحديث. انظر: «مجموع الفتاوى» (١٨/ ١٣٩)، و «منهاج السنة» (٢/ ٣٠٤).
(٣) تقدم تخريجه (ص: ٢١).
(٤) تقدم تخريجه (ص: ٨١٧).