للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونظيرُ هذا ما أخبَر به سبحانه مِن قَسَمِه ليفعلنَّ ما أقسَم عليه، كقوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: ٩٢ - ٩٣]، {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} [مريم: ٦٨]، وقوله: {لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: ١٣]، وقوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٥]، وقوله: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [آل عمران: ١٩٥]، وقوله: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف: ٦]، وقوله فيما يرويه عنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «وعزَّتي وجلالي لأقتصَّنَّ للمظلوم من الظَّالم ولو لطمةً، ولو ضربةً بيدٍ» (١).

إلى أمثال ذلك من صِيَغ القَسَم المتضمِّن معنى إيجاب المُقْسِم على نفسه أو مَنْعِه نفسَه؛ وهو القَسَمُ الطَّلبيُّ المتضمِّن للحضِّ (٢) والمنع، بخلاف القَسَم الخبريِّ المتضمِّن للتصديق أو التكذيب، ولهذا قسَّم الفقهاءُ وغيرهم اليمينَ إلى: مُوجِبةٍ للحضِّ والمنع، أو التصديق والتكذيب (٣).


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٤٩٥)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٩٧٠)، وابن قدامة في «صفة العلو» (٤٢) واللفظ له، وغيرهم من طرقٍ عن جابر، يثبتُ بمجموعها، وصحَّح أحدها الحاكم (٢/ ٤٣٧) ولم يتعقبه الذهبي، وحسَّنه المنذري في «الترغيب والترهيب» (٤/ ٤٠٤)، وابن حجر في «الفتح» (١/ ١٧٤)، وابن ناصر الدين الدمشقي في الجزء الذي أفرده لهذا الحديث (٣٨).
(٢) (ق، د) في الموضعين: «الحظ». وفي (ت) في الموضع الأول: «الحصر»، وفي الثاني: «الحظر». وكله تحريف.
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١٩٧، ٢٣٢)، و «إغاثة اللهفان» (٢/ ٨٧، ٩٤)، و «بدائع الفوائد» (٦٤٥)، و «الإنصاف» (٩/ ١٠٦).