للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: فحينئذٍ يعودُ الإلزام، وهو أنه لا ينظُر حتى يَجِب، ولا يجبُ حتى تثبُتَ الرسالة، ولا تثبتُ حتى ينظُر.

ولهذا عَدَلَ من عَدَلَ إلى مقابلة هذا الإلزام بمثله، وقالوا: «هذا لازمٌ للمعتزلة؛ لأن الوجوبَ عندهم نظري» (١).

وهذا لا يغني شيئًا، ولا يدفعُ الإلزامَ المذكور، بل غايتُه مقابلةُ الفاسد بمثله، وهو لا يُجْدِي في دفع الإلزام شيئًا.

وهذا يدلُّ على بطلان المقالتين.

وأمَّا نحنُ فلنا في دفع هذا الإلزام عشرةُ مسالك، وليس هذا موضعَ هذه المسألة، وإنما المقصودُ أن المعتزلةَ ألزَمت نظيرَ ما ألزموهم به (٢).

ومنها: إلزامُ التعطيل للشرائع جملة. وقد تقدَّم بيانه قريبًا (٣)، حيث بيَّنَّا أنَّ متعلَّقَ الأمر والنهي إنما هو فعلُ العبد الاختياريُّ، فإذا بطلَ أن يكون له فعلٌ اختياريٌّ بطلَ متعلَّقُ الأمر والنهي، فيلزم بطلانُ الأمر والنهي؛ لأنَّ وجودَه بدون متعلَّقه محال.

إلى سائر تلك اللوازم التي أسلفناها قبلُ، فلا نطيلُ بإعادتها.

قالوا (٤): أمَّا نحن، فلا يلزمنا شيءٌ من هذه اللوازم من الطَّرفين، فإنَّا لم


(١) انظر: «المواقف» (١/ ١٦٤)، و «بيان المختصر» (١/ ٣٠٩)، و «رفع الحاجب» (١/ ٤٦٦).
(٢) انظر: «الصواعق المرسلة» (١٤٣٧).
(٣) انظر: (ص: ١١٢٠).
(٤) أي المتوسطون.