للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلاحٌ في معيشة، ولا قِوامٌ لمملكة، ولكان النَّاسُ بمنزلة البهائم والسِّباع العادِية والكلاب الضَّارِية التي يَعْدو بعضُها على بعض.

وكلُّ زَيْنٍ (١) في العالم فمن آثار النُّبوَّة، وكلُّ شَيْنٍ (٢) وقع في العالم أو سيقعُ فبسبب خفاء آثار النُّبوَّةِ ودُروسِها؛ فالعالَمُ حينئذٍ جسدٌ (٣) رُوحُه النُّبوَّة، ولا قيام للجسد بدون رُوحه.

ولهذا إذا تمَّ انكسافُ شمس النُّبوَّة من العالم، ولم يَبْقَ في الأرض شيءٌ من آثارها البتَّة، انشقَّت سماؤه، وانتثَرت كواكبُه، وكُوِّرت شمسُه، وخُسِفَ قمرُه، ونُسِفت جبالُه، وزُلزِلت أرضُه، وأُهلِك من عليها؛ فلا قيامَ للعالَم إلا بآثار النُّبوَّة.

ولهذا كان كلُّ موضعٍ ظهَرت فيه آثارُ النُّبوَّة أهلُه أحسنُ حالًا وأصلحُ بالًا من الموضع الذي يخفى فيه آثارُها.

وبالجملة؛ فحاجةُ العالم إلى النُّبوَّة أعظمُ من حاجتهم إلى نور الشمس، وأعظمُ من حاجتهم إلى الماء والهواء الذي لا حياة لهم بدونه.

فصل

وأمَّا ما ذكره الفلاسفةُ من مقصود الشَّرائع، وأن ذلك لاستكمال النَّفس قُوى العلم والعمل، والشَّرائعُ تَرِدُ بتمهيد ما تقرَّر في العقل لا بتغييره (٤) ...


(١) (د، ق): «دين». تحريف.
(٢) في الأصول: «شر». والمثبت أشبه.
(٣) «جسد» ساقطة من (د، ق). واستُدْرِكت في طرة (ت).
(٤) (ق): «في العقل بتعبيره». وهو تحريف.