للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسائر ما يتجدَّدُ ويحدثُ ويُتَخوَّفُ ويُتمَنَّى.

وسألتني أن أعملَ كتابًا أذكرُ فيه بعضَ ما وقع إليَّ من اختلافهم في أصول الأحكام الدَّالة على وهمهم وقُبح اعتقادهم، وما يُستَدلُّ به من طريق النظر والقياس على ضعف مذهبهم، وألخِّصُ ذلك وأختصرُه وأقرِّبه بحسب الوُسع والطاقة، فوعدتُك بذلك، وقد ضمَّنتُه كتابي هذا، واللهَ أسألُ عونًا على ما قرَّبَ منه (١)، وتوفيقًا لما أزلَفَ لديه، إنه قريبٌ مجيب فعَّالٌ لما يريد.

لستُ مستعملًا للتَّحامل على من أثبتَ تأثيرَ الكواكب في هذا العالم وتَركِ إنصافهم، كما فعل قومٌ ردُّوا عليهم، فإنهم دفعوهم عن أن يكون لها تأثيرٌ البتَّة غيرَ وجود الضِّياء في المواضع التي تطلعُ عليها الشَّمس والقمر، وعدمِه فيما غابا عنه، وما جرى هذا المجرى.

بل أسلِّمُ لهم أنها تؤثِّر تأثيرًا ما يجري على الأمر الطبيعي:

مثل: أن يكون البلدُ القليلُ العَرْض مزاجُه يميلُ عن الاعتدال إلى الحرِّ واليُبس، وكذلك مِزاجُ أهله، وأجسامُهم ضعيفة، وألوانُهم سودٌ وصُفر، كالنُّوبة والحبشة، وأن يكون البلدُ الكثيرُ العَرْض مزاجُه يميلُ عن الاعتدال إلى البرد والرطوبة (٢)، وكذلك مزاجُ أهله، وأجسامُهم عَبْلة (٣)، وألوانهم بيضٌ وشُعورُهم شُقر، مثلُ التُّرك والصَّقالبة.

ومثل: أن يكون النباتُ يَنْمِي ويقوى ويشتدُّ ويتكاملُ وينضجُ ثمرُه


(١) في الأصول: «قررت منه». والمثبت من (ط) أشبه.
(٢) من قوله: «وكذلك مزاج أهله» إلى هنا ساقط من (ت).
(٣) العَبْل: الضخم من كلِّ شيء. «اللسان» (عبل).