وللفُرسِ مذهبٌ آخر، وهو أنهم قالوا: لما كانت الشَّمس لها نوبةُ النهار، والقمر له نوبةُ الليل، وكان سهمُ السعادة بالنهار يؤخذُ من الشَّمس إلى القمر، وجبَ أن يُعكسَ ذلك بالليل؛ لأنَّ نسبة النهار إلى الشَّمس مثلُ نسبة الليل إلى القمر، وكلُّ واحدٍ من النيِّرين ينوبُ واحدًا من الزَّمانين، فيأخذون سهمَ السعادة ــ بزعمهم ــ بالليل من القمر إلى الشَّمس، وبالنهار بالعكس.
وزعموا أنَّ كلام بَطْليموس إنما يدلُّ على هذا؛ لأنه قال: وإنْ أخَذْنا من الشَّمس إلى القمر إلى خلاف تأليف البروج وألقيناه بالعكس كان موافقًا للأوَّل. فقالوا: يجبُ أن يُعكس الأمر بالليل.
قال:«واختلفوا؛ فرتَّبت طائفةٌ منهم البروجَ المذكَّرة والمؤنَّثة من البرج الطالع، فعدُّوا واحدًا مذكَّرًا وآخر مؤنَّثًا، وصيَّروا الابتداءَ بالمذكَّر.
وقسَّمَت طائفةٌ أخرى البروجَ أربعةَ أجزاء، وجعلوا البروجَ المذكَّرة هي التي من الطالع إلى وسط السماء، والتي تقابلها من الغَرب إلى وَتد الأرض، وجعلوا الرُّبعين الباقيين مؤنَّثين».