للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو ذهبنا نذكرُ مَنْ ردَّ عليهم من عقلاء الفلاسفة والطبائعيِّين والرِّياضيِّين لطال ذلك جدًّا، هذا غير ردِّ المتكلِّمين عليهم، فإنَّا لا نقنعُ به ولا نرضى أكثرَه؛ فإنَّ فيه من المكابرات والمُنُوع الفاسدة والسُّؤالات الباردة والتطويل الذي ليس تحته تحصيلٌ ما يضيِّعُ الزمانَ في غير شيء (١)، وكان تركُهم لهذه المقابلة خيرًا لهم منها، فإنهم لا للتوحيد والإسلام نَصَرُوا، ولا لأعدائه كَسَرُوا. والله المستعان وعليه التكلان.

فصل

فلنرجع إلى كلام صاحب الرِّسالة.

قال: «وزعموا أنَّ القمر والزُّهَرة مؤنَّثان، وأنَّ الشَّمس وزُحَل والمشتري والمرِّيخ مذكَّرة، وأنَّ عطارد ذكرٌ أنثى مشاركٌ للجنسين جميعًا وأنَّ سائر الكواكب تُذكَّرُ وتُؤنَّثُ بسبب الأشكال التي تكونُ لها بالقياس إلى الشَّمس.

وذلك أنها إذا كانت مشرِّقةً متقدِّمةً للشمس فهي مذكَّرة، وإن كانت مغرِّبةً تابعةً كانت مؤنَّثة، وأنَّ ذلك أيضًا يكونُ بالقياس إلى أشكالها إلى الأفق، وذلك أنها إذا كانت في الأشكال التي من المشرق إلى وسط السماء أو من المغرب إلى ما يقابلُ وسطَ السماء (٢) مما تحت الأرض فهي مذكَّرة؛ لأنها إذا كانت شرقيَّةً فهي من ناحية مَهَبِّ الصَّبا، وإذا كانت في الرُّبعَيْن


(١) وشهد بهذا شاهدٌ من أهلهم! قال الآمدي في «غاية المرام» (٢١٠): «قد أكثر الأصحاب [أي: الأشاعرة] في الردِّ عليهم [أي: المنجِّمين] بأسئلةٍ باردة، واستفساراتٍ جامدة، وإلزاماتٍ لا ثبوت لها على محكِّ النظر، تليقُ بمناظرة العامة والصبيان، فسادُها يظهر ببديهة العقل لمن له أدنى تحصيل ... »!.
(٢) «أو من المغرب إلى ما يقابل وسط السماء» ساقط من (ق).