وهذه الأقوالُ ضعيفةٌ غير الأول؛ لأنها بين قولٍ لا دليل عليه، وبين ما يدلُّ ظاهرُ الخطاب على خلافه؛ فثبت أنَّ إبليس داخلٌ في هذا الخطاب، وأنه من المُهْبَطين من الجنة.
ثم قال تعالى:{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة: ٣٨]، وهذا الإهباطُ الثاني لا بدَّ أن يكون غيرَ الأوَّل، وهو إهباطٌ من السماء إلى الأرض؛ وحينئذٍ فتكون الجنةُ التي أُهْبِطوا منها أوَّلًا فوق السماء، وهي جنةُ الخلد.
وقد ذهبت طائفةٌ ــ منهم الزمخشريُّ ــ إلى أنَّ قوله:{اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} خطابٌ لآدم وحوَّاء خاصَّة، وعبَّر عنهما بالجمع لاستتباعهما ذريَّاتهما (١).