للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجملةَ مسائلَ راعوها، فوجدوا القضيةَ في جميع ذلك صادقة، فدلَّهم ذلك على أنَّ الأصول التي عملوا عليها صحيحة.

فيقال لهم: إذا كان ما تدَّعونه من هذا دليلًا على صحة الأحكام، فما الفصلُ بينكم وبين من قال: الدليلُ على بطلان الأحكام أنَّا امتحنَّا مواليدَ صحَّحنا طوالعَها، ومسائل تفقَّدنا أحوالَها، فوجدنا جميعها باطلًا ولم يصحَّ الحكمُ في شيءٍ منها؟!

فإن قالوا: إنما يكونُ هذا لجواز الغلط على المنجِّم الذي عملها.

قيل لكم: فما تُنكِرون من أن يكون صِدْقُ المنجِّم في حكمه باتِّفاقٍ وتخمين، كإخراج الزَّوج والفرد (١)، وصِدْقِ الحَزْر في الوزن والكيل والذَّرْع والعدد؟!

وإذا كانت الدلالةُ على صحَّة مقالتكم صِدْقُكم في بعض أحكامكم، فالدلالةُ على بطلانها كذبُكم في بعضها (٢).

فإن قالوا: ليس ما قلناه بتخمين (٣)؛ لأنَّا إنما نحكمُ على أصولٍ موضوعةٍ في كتب القدماء.

قيل لهم: لسنا نشكُّ في أنكم تتبعونَ ما في الكتب، وتقلِّدون من


(١) نحو معرفة ما في اليد من زوجٍ وفرد. وهي من الألعاب. انظر: «روضة الطالبين» للنووي (١٠/ ٣٥١).
(٢) انظر: مختصر «القول في علم النجوم» للخطيب البغدادي (٢١٩)، و «رسائل الشريف المرتضى» (٢/ ٣٠٥).
(٣) (ت): «بتحكم منجمين».