للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا طِيرَة، وأحبُّ الفألَ الصالح»، ونحوه من حديث أنس (١).

وهذا يحتملُ أن يكون نفيًا، وأن يكون نهيًا، أي: لا تطيَّروا، ولكن قوله في الحديث: «ولا عدوى ولا صفَر ولا هامَة» (٢) يدلُّ على أنَّ المرادَ النفيُ وإبطالُ هذه الأمور التي كانت الجاهليةُ تُعانيها، والنفيُ في هذا أبلغُ من النهي؛ لأنَّ النفيَ يدلُّ على بطلان ذلك وعدم تأثيره، والنهي إنما يدلُّ على المنع منه.

وقد روى ابنُ ماجه في «سننه» (٣) من حديث سفيان، عن سلمة، عن عيسى بن عاصم، عن زرٍّ، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «الطِّيَرة شركٌ، وما منَّا إلا، ولكنَّ الله يُذْهِبُه بالتوكُّل».

وهذه اللفظة «وما منَّا إلا ... » إلى آخره، مدرجةٌ في الحديث، ليست من كلام النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، كذلك قاله بعض الحفَّاظ (٤)، وهو الصواب؛ فإنَّ الطِّيَرة نوعٌ من الشرك كما هو في أثرٍ مرفوع: «من ردَّته الطِّيَرة فقد قارَف الشِّرك» (٥)،


(١) أخرجه البخاري (٥٧٥٦)، ومسلم (٢٢٢٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٠٧)، ومسلم (٢٢٢٠) من حديث أبي هريرة.
(٣) (٣٥٣٨)، وأبو داود (٣٩١٠)، والترمذي (١٦١٤)، وغيرهم. وصححه الترمذي، وابن حبان (٦١٢٢)، والحاكم (١/ ١٨) ولم يتعقبه الذهبي.
(٤) منهم: سليمان بن حرب شيخ البخاري، والمنذري، وابن حجر. انظر: «العلل الكبير» للترمذي (٤٨٥)، و «الترغيب والترهيب» (٤/ ٣٣)، و «الفتح» (١٠/ ٢١٣)، و «النكت على ابن الصلاح» (٢/ ٨٢٦، ٨٢٧). وخالف في ذلك ابنُ القطان في «بيان الوهم والإيهام» (٥/ ٣٨٧)، والألباني في «الصحيحة» (٤٢٩) جريًا على ظاهر الإسناد.
(٥) أخرجه ابن وهب في «الجامع» (٦٥٦، ٦٥٧)، والذهبي في «السير» (١٦/ ٥١٧) من حديث فضالة بن عبيد، من طرقٍ يثبت بها.
وروي من حديث رويفع بن ثابت رضي الله عنه.
أخرجه البزار (٢٣١٦)، وفي إسناده جهالة. وقال أبو حاتم في «العلل» (٢/ ٢٨٢): «هذا حديثٌ منكر». وحسَّنه ابن حجر في «مختصر زوائد البزار» (١١٦٠).