للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الحديث المعروف: «أقرُّوا الطيرَ على مَكِناتِها» (١).

قال أبو عبيد في «الغريب» (٢): أراد: لا تزجروها (٣)، ولا تلتفتوا إليها، أقرُّوها على مواضعها التي جعلها اللهُ لها ولا تتعدَّوا ذلك إلى غيره، أي: أنها لا تضرُّ ولا تنفع.

وقال غيرُه: المعنى: أقرُّوها على أمكنتها، فإنهم كانوا في الجاهلية إذا أراد أحدُهم سفرًا أو أمرًا من الأمور أثارَ الطَّيرَ من أوكارها، لينظر أيَّ وجهٍ تسلُك، وإلى أيِّ ناحيةٍ تطير، فإن خرجَت (٤) ذاتَ اليمين خرج لسفره ومضى لأمره، وإن أخَذَت ذاتَ الشمال رجعَ ولم يَمْضِ، فأمرهم أن يُقِرُّوها في أمكنتها، وأبطَل فعلَهم ذلك (٥) ونهاهم عنه كما أبطَل الاستقسامَ بالأزلام.


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٣٨١)، وأبو داود (٢٨٣٥)، وغيرهما من حديث سباع بن ثابت عن أم كرز رضي الله عنها.
وصححه ابن حبان (٦١٢٦)، والحاكم (٤/ ٢٣٧) ولم يتعقبه الذهبي، وأعله في «الميزان» (٢/ ١١٥).
ووقع في إسناده اختلافٌ في وصله وانقطاعه، والأشبه أنه متصل.
انظر: «مسند الحميدي» (١/ ١٦٨)، و «علل الدارقطني» (٥/ق ٢١٩)، و «بيان الوهم والإيهام» (٤/ ٥٨٦).
(٢) (٢/ ١٣٨).
(٣) (د، ت): «تزجروا بها». (ق): «تزجروا لها». والمثبت من (ط). وفي «غريب الحديث»: «لا تزجروا الطير».
(٤) في «تهذيب الآثار» للطبري (١/ ٢٠٣ - مسند عمر): «فإن طارت». وهو مصدر المصنف.
(٥) «تهذيب الآثار»: «وأبطل ذلك من فعلهم».