للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت فوق السماء"؛ فنحن نطالبكم بهذا الظُّهور، ولا سبيل لكم إلى إثباته.

قولُكم (١): "إنه كرَّر فيه ذكر الهبوط مرتين، ولا بدَّ أن يفيدَ الثاني غيرَ ما أفاد الأول، فيكونُ الهبوطُ الأول من الجنة، والثاني من السماء"= فهذا فيه خلافٌ بين أهل التفسير:

فقالت طائفةٌ هذا القول الذي ذكرتموه.

وقالت طائفةٌ ــ منهم النقَّاشُ (٢) وغيره ــ: إنَّ الهبوط الثاني إنما هو من الجنة إلى السماء، والهبوطُ الأولُ إلى الأرض، وهو آخرُ الهبوطَيْن في الوقوع وإن كان أوَّلهما في الذِّكر.

وقالت طائفة: أتى به على جهة التغليظ والتأكيد، كما تقول للرجل: اخرُج، اخرُج.

وهذه الأقوالُ ضعيفة.

فأمَّا القولُ الأول، فيظهرُ ضعفُه من وجوه:

أحدها: أنه مجردُ دعوى لا دليل عليها من اللفظ ولا من خبرٍ يجبُ المصيرُ إليه، وما كان هذا سبيلُه لا يُحْمَلُ القرآنُ عليه.

الثاني: أنَّ الله سبحانه قد أهبط إبليسَ لما امتنع من السجود لآدم إهباطًا كونيًّا قدريًّا لا سبيل إلى التخلُّف عنه، فقال تعالى: {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ


(١) أي: وأما قولكم. وفي (ت): "بقولكم".
(٢) محمد بن الحسن الموصلي، أبو بكر (ت: ٣٥١)، له: "شفاء الصدور" تفسيرٌ مشهور، والنقل عنه مستفيض، ولم يطبع بعد، والمصنف ينقل هنا عن "المحرر الوجيز" (١/ ١٦٢).