للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: مقارفةُ (١) الشرك.

والثاني: حلولُ مكروهٍ آخرَ بهم (٢)؛ بسبب الطِّيَرة التي إنما تلحقُ المتطيِّر.

فحماهم - صلى الله عليه وسلم - ــ بكمال رأفته ورحمته ــ من هذين المكروهَيْن بمفارقة تلك الدار، والاستبدال بها، من غير ضررٍ يلحقُهم بذلك في دنيا، ولا نقصٍ في دين.

وهو - صلى الله عليه وسلم - حين فَهِمَ عنهم في سؤالهم ما أرادوه من التعرُّف عن حال رحلتهم عنها (٣)، هل ذلك لهم ضارٌّ مؤدٍّ إلى الطِّيَرة؟ قال: «دعوها، ذميمة».

وهذا بمنزلة الخارج من أرضٍ بها الطَّاعونُ غير فارٍّ منه.

ولو مُنِعَ الناسُ الرحلةَ من الدار التي تتوالى عليهم المصائبُ فيها والمحنُ وتعذُّرُ الأرزاق، مع سلامة التوحيد في الرحلة، للَزِمَ ذلك كلَّ من ضاق عليه رزقٌ في بلدٍ أن لا ينتقلَ عنه إلى بلدٍ آخر، ومَنْ قلَّت فائدةُ صناعته أن لا ينتقلَ عنها إلى غيرها.

فصل

وأمَّا قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - للذي سلَّ سيفه يومَ أحد: «شِمْ سيفك، فإني أرى السيوفَ سَتُسَلُّ اليوم» (٤)؛ فهذه القصةُ لم يكن الرجلُ قد سَلَّ فيها السَّيف،


(١) في الأصول: «مقارنة». بالنون. والمثبت أشبه، وهو لفظ الحديث.
(٢) في الأصول: «احزنهم». وهو تحريف.
(٣) (ت، ص): «من غير ضرر يلحقهم بذلك في رحلتهم عنها».
(٤) تقدم تخريجه (ص: ١٤٩٤).