للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يُخْرِجُ العاطسَ عن سَمْته، فإذا قال له السامع: «يرحمك الله»، فقد دعا له أن يعيدَه إلى سَمْته وهيئته (١).

وأمَّا التشميت ــ بالمعجمة ــ، فقالت طائفةٌ منهم ابنُ السِّكِّيت وغيره: إنه بمعنى التسميت، وإنهما لغتان. ذكر ذلك في كتاب «القلب والإبدال» (٢)، ولم يذكر أيهما الأصل، ولا أيهما البدل.

وقال أبوعلي الفارسي: المهملة هي الأصلُ في الكلمة، والمعجمة بدلٌ منها. واحتجَّ بأن العاطسَ إذا عطس انتفَش وتغيَّر شكلُ وجهه، فإذا دعا له فكأنه أعاده إلى سَمْته وهيئته (٣).

وقال تلميذُه ابن جنِّي (٤): لو جعَل جاعلٌ الشِّينَ المعجمة أصلًا، وأخذَه من الشَّوامت ــ وهي القوائم ــ لكان وجهًا صحيحًا، وذلك أنَّ القوائمَ هي التي تحملُ الفَرسَ ونحوه، وبها عِصمتُه، وهي قِوامُه، فكأنه إذا دعا له فقد أنهضَه وثبَّت أمرَه وأحكمَ دعائمَه.

وأنشَد للنابغة (٥):

* طَوْعَ الشَّوامِتِ من خوفٍ ومن صَرَدِ * (٦)


(١) انظر: «القبس» (١١٤٥)، و «عارضة الأحوذي» (١٠/ ٢٠٧).
(٢) (٤١ - الكنز اللغوي).
(٣) انظر: «شرح الحماسة» للمرزوقي (٣٩٩).
(٤) في «التنبيه على شرح مشكلات الحماسة» (١٦٨، ١٦٩). وقد شرح ابن جني كتاب ابن السكيت في القلب والإبدال، فلا ريب أنه بسط ذلك هناك.
(٥) (ق، ت): «النابغة».
(٦) ديوانه (١٨). وصدر البيت:
* فارتاع من صوت كلَّابٍ فبات له *