للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذلك (١) من خافَ شيئًا غيرَ الله سُلِّط عليه، وكان خوفُه منه هو سببَ تسليطه عليه، ولو خاف اللهَ دونه ولم يَخَفْهُ لكان عدمُ خوفه منه وتوكُّلُه على الله من أعظم أسباب نجاته منه. وكذلك من رجا شيئًا غيرَ الله حُرِمَ ما رجاه منه، وكان رجاؤه غيرَ الله من أقوى أسباب حرمانه، فإذا رجا اللهَ وحده كان توحيدُ رجائه أقوى (٢) أسباب الفوز بما رجاه، أو بنظيره، أو بما هو أنفعُ له منه، والله الموفق للصواب.

وليكن هذا آخرَ الكتاب، وقد جُلِبَت (٣) إليك فيه نفائس في مثلها يتنافسُ المتنافسون، وجُلِيَت عليك فيه عرائس إلى مثلهنَّ بادَر الخاطبون.

فإن شئتَ اقتبستَ منه معرفةَ العلم وفضله، وشدَّة الحاجة إليه، وشرفَه وشرفَ أهله، وعِظَم موقعه في الدارين.

وإن شئتَ اقتبستَ منه معرفةَ إثبات الصانع بطُرقٍ واضحاتٍ جليَّات تَلِجُ القلوبَ بغير استئذان، ومعرفةَ حكمته في خلقه وأمره.

وإن شئتَ اقتبستَ منه معرفةَ قَدْر الشريعة، وشدَّةَ الحاجة إليها، ومعرفةَ جلالتها وحكمتها.

وإن شئتَ اقتبستَ منه معرفة النبوَّة وشدَّةَ الحاجة إليها بل ضرورة (٤) الوجود إليها، وأنه يستحيلُ من أحكم الحاكمين أن يُخْلِيَ العالم عنها.


(١) (د، ت): «وكذلك».
(٢) (ت): «من أقوى».
(٣) (ق، ص، ت): «جليت». بالياء. والضبط من (د).
(٤) (ق): «بل وضرورة».