للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي يهبطونَ إليه، ومَن هبط من جبلٍ إلى وادٍ قيل له: اهبط (١)».

قالوا: «وأيضًا، فبنو إسرائيل كانوا يسيرون ويرحلون، والذي يسيرُ ويرحل إذا جاء بلدةً يقال: نزَل فيها؛ لأنَّ مِن عادته أن يركبَ في مسيره، فإذا وصلَ نزل عن دوابِّه.

ويقال: نزل العدوُّ بأرض كذا، ونزل القَفَلُ (٢)، ونحوه.

ولفظُ النزول كلفظ الهبوط، فلا يستعملُ «نزَل» و «هبَط» إلا إذا كان من عُلْوٍ إلى سُفْل.

وقال تعالى عقب قوله: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ}؛ فهذا دليلٌ على أنهم لم يكونوا قبل ذلك في مكانٍ فيه يحيَون وفيه يموتون ومنه يُخْرَجون، وإنما صاروا إليه بعد الإهباط؛ فلو كانوا في الأرض أولًا لكانوا في مكانٍ فيه يحيَون، وفيه يموتون، ومنه يُخْرَجون (٣)، والقرآنُ صريحٌ في أنهم إنما صاروا إليه بعد الإهباط».

قالوا: «ولو لم يكن في هذا إلا قصةُ آدم وموسى لكانت كافية (٤)؛ فإنَّ موسى عليه السلام إنما لام آدم عليه السلام لِمَا حصل له ولذريَّته بالخروج


(١) (ن): «هبط».
(٢) القُفول: الرجوع من السفر. ورجلٌ قافلٌ من قومٍ قُفَّال. والقَفَلُ اسم الجمع. «اللسان» (قفل).
(٣) من قوله: «وإنما صاروا ... » إلى هنا ساقط من (ق، ح)، لانتقال النظر.
(٤) أخرجها البخاري (٣٤٠٩)، ومسلم (٢٦٥٢) من حديث أبي هريرة.