للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمرنا أن نقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، فذكر الهدايةَ والنعمة، وهما الهدى والفلاح.

ثمَّ قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فذكر المغضوبَ عليهم وهم أهلُ الشقاء، والضَّالِّين وهم أهلُ الضلال، وكلٌّ من الطائفتين له الضَّلالُ والشقاء، لكنْ ذَكَر الوصفين معًا لتكونَ الدَّلالةُ على كلٍّ منهما بصريح لفظِه.

وأيضًا؛ فإنه ذكر ما هو أظهرُ الوصفين في كلِّ طائفة، فإنَّ الغضب على اليهود أظهر؛ لعنادهم الحقَّ بعد معرفته، والضلال في النصارى أظهر؛ لغلبة الجهل فيهم، وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اليهودُ مغضوبٌ عليهم، والنصارى ضالُّون» (١).

فصل

وقولُه تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} هو خطابٌ لمن أهبطه (٢) من الجنة بقوله: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}، ثم قال: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى}.


(١) أخرجه الترمذي (٢٩٥٣، ٢٩٥٤)، وأحمد (٤/ ٣٧٨)، وغيرهما.
قال الترمذي: «حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب». وصححه ابن حبان (٦٢٤٦، ٧٢٠٦، ٧٣٦٥).
وروي من وجهٍ آخر أصحَّ من هذا الوجه.
انظر: «مسند الطيالسي» (٢/ ٣٧٢)، و «بيان الوهم والإيهام» (٤/ ٥١، ٦٦٨)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ١٦٤)، و «فتح الباري» (٨/ ١٥٩).
(٢) (ح، ن): «أهبط».