للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله وأمرِه، لا يريدُ إلا الله، ولا يفعلُ إلا ما أمره الله، فالله وحده غايتُه، وأمرُه وشرعُه وسيلتُه وطريقتُه، لا تعترضه شبهةٌ (١) تحولُ بينه وبين تصديق خبره، لكنْ (٢) لا تمرُّ عليه إلا وهي مُجْتازة، تعلمُ أنه لا قرار لها فيه، ولا شهوة تحولُ بينه وبين متابعة رضاه.

ومتى كان القلبُ كذلك فهو سليمٌ من الشرك، وسليمٌ من البدع، وسليمٌ من الغيِّ، وسليمٌ من الباطل، وكلُّ الأقوال التي قيلت في تفسيره فذلك ينتظمُها (٣).

وحقيقتُه أنه القلبُ الذي قد سَلَّمَ لعبودية ربِّه حبًّا وخوفًا ورجاءً؛ ففَنِيَ بحبِّه (٤) عن حبِّ ما سواه، وبخوفه عن خوف ما سواه، وبرجائه عن رجاء ما سواه، وسلَّم لأمره ولرسوله تصديقًا وطاعة، كما تقدَّم، واستسلَم لقضائه وقدره فلم يتَّهِمْه ولم يُنازِعْه ولم يتسخَّط لأقداره.

فأسلمَ لربِّه انقيادًا وخضوعًا، وذُلًا وعبودية، وسلَّم جميعَ أحكامه (٥)


(١) (ن، ح): «شبه».
(٢) كذا في الأصول. أي: «وقد تعترضه شبهة، لكن لا تمر ... » على الاستدراك، وهو بابُ «لكنْ». فإن كانت للإضراب - وقد تأتي له، انظر: «رصف المباني» (١٩٢) - فالمعنى ظاهر.
(٣) (ح، ن): «يتضمنها». وانظر: «طريق الهجرتين» (٧٥)، و «مدارج السالكين» (٢/ ٦٨، ٣/ ١٢٢، ٤٨٧)، و «الروح» (٦٠٥)، و «إغاثة اللهفان» (١/ ٧)، و «بدائع الفوائد» (٦٠٠).
(٤) (ح، ن): «فهو غني».
(٥) (ن، ح): «أحواله».