للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ} [الفرقان: ٢٢]، وقولُه: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} [التكاثر: ٦ - ٧]. ونظائرُ هذا مما يُثبِتُ لهم الرؤيةَ في الآخرة، كقوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى: ٤٥]، وقوله: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [الطور: ١٣ - ١٤]، وقوله: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} [الكهف: ٥٣].

والذين رجَّحوا أنه من عمى البصر، قالوا: السِّياقُ لا يدلُّ إلا عليه؛ لقوله (١): {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا}، وهو لم يكن بصيرًا في كفره قطُّ، بل قد تبيَّن له حينئذٍ أنه كان في الدُّنيا في عمًى عن الحقِّ، فكيف يقول: وقد كنتُ بصيرًا؟! وكيف يجابُ بقوله: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}؟!

بل هذا الجوابُ فيه تنبيهٌ على أنه من عمى البصر، وأنه جُوزِيَ من جنس عمله؛ فإنه لما أعرض عن الذِّكر الذي بعثَ اللهُ به رسوله، وعَمِيَت عنه بصيرتُه، أعمى الله بصرَه يوم القيامة، وتركَه في العذاب، كما ترك الذِّكر في الدُّنيا، فجازاه على عمى بصيرته عمى بصره في الآخرة، وعلى تركِه ذكرَه تركَه في العذاب.

وقال تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} [الإسراء: ٩٧]، وقد


(١) (ح، ن): «كقوله».