والذين رجَّحوا أنه من عمى البصر، قالوا: السِّياقُ لا يدلُّ إلا عليه؛ لقوله (١): {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا}، وهو لم يكن بصيرًا في كفره قطُّ، بل قد تبيَّن له حينئذٍ أنه كان في الدُّنيا في عمًى عن الحقِّ، فكيف يقول: وقد كنتُ بصيرًا؟! وكيف يجابُ بقوله:{كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}؟!
بل هذا الجوابُ فيه تنبيهٌ على أنه من عمى البصر، وأنه جُوزِيَ من جنس عمله؛ فإنه لما أعرض عن الذِّكر الذي بعثَ اللهُ به رسوله، وعَمِيَت عنه بصيرتُه، أعمى الله بصرَه يوم القيامة، وتركَه في العذاب، كما ترك الذِّكر في الدُّنيا، فجازاه على عمى بصيرته عمى بصره في الآخرة، وعلى تركِه ذكرَه تركَه في العذاب.