للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم، ولم يريدوا أنَّ لهم حجةً هم عُميٌ عنها، بل هم عُميٌ عن الهدى كما كانوا في الدُّنيا؛ فإنَّ العبدَ يموتُ على ما عاش عليه، ويُبْعَثُ على ما مات عليه.

وبهذا يظهرُ أنَّ الصوابَ هو القولُ الآخر، وأنه عمى البصر؛ فإنَّ الكافر يعلمُ الحقَّ يوم القيامة عِيانًا، ويُقِرُّ بما كان يجحدُه في الدُّنيا، فليس هو أعمى عن الحقِّ يومئذ (١).

وفصلُ الخطاب: أنَّ الحشرَ هو الضمُّ والجمع.

ويرادُ به تارةً الحشرُ إلى موقف القيامة؛ كقول (٢) النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم محشورون إلى الله حفاةً عراةً غُرلًا» (٣)، وكقوله تعالى: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: ٥]، وكقوله تعالى: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: ٤٧]. ويرادُ به الضمُّ والجمعُ إلى دار المستقَرِّ؛ فحشرُ المتقين: جمعُهم وضمُّهم إلى الجنة، وحشرُ الكافرين: جمعُهم وضمُّهم إلى النار.

قال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: ٨٥].

وقال تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: ٢٢ - ٢٣]، فهذا الحشرُ هو بعد حشرهم إلى


(١) (ح، ن): «حينئذ».
(٢) (ح، ن): «لقول». وهو خطأ.
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٤٩)، ومسلم (٢٨٦٠) من حديث ابن عباس.