وقال تعالى:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}[الأنفال: ٢٢]، أخبرَ أنَّ الجُهَّالَ شرُّ الدَّوابِّ عنده، على اختلاف أصنافها، من الحمير، والسِّباع، والكلاب، والحشرات، وسائر الدَّوابِّ؛ فالجُهَّالُ شرٌّ منهم. وليس على دين الرسل أضرُّ من الجُهَّال، بل هم أعداؤهم على الحقيقة.
وقال تعالى لنبيِّه ــ وقد أعاذَه ــ:{فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[الأنعام: ٣٥].
وقال كليمُه موسى:{أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[البقرة: ٦٧].
وقال لأول رسله نوح:{إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[هود: ٤٦].
فهذه حالُ الجاهلين عنده، والأولُ حالُ أهل العلم عنده.
وأخبرَ سبحانه عن عقوبته لأعدائه أنه منَعهم علمَ كتابه ومعرفتَه وفِقْهَه؛ فقال تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (٤٥) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [الإسراء: ٤٥ - ٤٦].
وأثنى على عباده بالإعراض عنهم ومُتارَكَتِهم، كما في قوله تعالى:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}[القصص: ٥٥]، وقال تعالى:{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}[الفرقان: ٦٣]. وكلُّ هذا يدلُّ على قُبح الجهل عنده، وبُغْضِه للجهل وأهله، وكذلك هو عند الناس، فإنَّ كلَّ أحدٍ يتبرَّأ منه وإن كان فيه.