للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«مثلُ نوره في قلب عبده المؤمن» (١)،

وهو نورُ القرآن والإيمان الذي أعطاه إياه، كما قال في آخر الآية: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} يعني: نورَ الإيمان على نور القرآن، كما قال بعضُ السلف: «يكادُ المؤمنُ ينطقُ بالحكمة وإن لم يسمع فيها بالأثر، فإذا سمعَ فيها بالأثر كان نورًا على نور» (٢).

وقد جمعَ اللهُ سبحانه بين ذكر هذين النُّورَين ــ وهما: الكتابُ، والإيمان ــ في غير موضعٍ من كتابه، كقوله: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: ٥٢].

وقال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: ٥٨]، ففضلُ الله: الإيمان، ورحمتُه: القرآن.

وقال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: ١٢٢].

وقد تقدَّمت هذه الآيات.

وقال في آية النور: {نُورٌ عَلَى نُورٍ}، وهو نورُ القرآن على نور الإيمان (٣).

وفي حديث النوَّاس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الله


(١) لم أقف عليه مسندًا. ونقله ابن تيمية في «الجواب الصحيح» (٣/ ١٤٥، ٣٦٨، ٤/ ٣٢٢)، والقرطبي في تفسيره (١٢/ ٢٦٠)، وغيرهما.

وانظر: «الوابل الصيب» (١١٩) والتعليق عليه.
(٢) ورد بمعناه عن ابن عباس عند الطبري في «التفسير» (١٩/ ١٨٢)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (١/ ٢٠١) من رواية علي بن أبي طلحة عنه.
(٣) (ق): «وهو نور الإيمان على نور القرآن».