للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومدارستَه عبادة، ومذاكرتَه تسبيح، والبحثَ عنه جهاد» (١).

ولهذا يَقْرِنُ سبحانه بين الكتاب المنزَّل والحديد النَّاصر، كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: ٢٥]، فذكرَ الكتابَ والحديد إذ بهما قِوامُ الدِّين (٢)، كما قيل:

فما هو إلا الوحيُ أو حَدُّ مُرْهَفٍ ... تُمِيلُ ظُباهُ أخْدَعَيْ كلِّ مائلِ

فهذا شفاءُ الدَّاء من كلِّ عاقلٍ ... وهذا دواءُ الدَّاء من كلِّ جاهلِ (٣)

ولمَّا كان كلٌّ من الجهاد بالسيف والحجَّة يسمَّى: «سبيل الله»، فَسَّرَ الصحابةُ رضي الله عنهم قولَه: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] بالأمراء والعلماء (٤)؛ فإنهم المجاهدون في سبيل الله، هؤلاء بأيديهم وهؤلاء بألسنتهم.


(١) يأتي تخريجه (ص: ٣٣٧) حيث ساقه المصنف بتمامه.
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٠/ ١٣، ١٨/ ١٥٨، ٢٨/ ٢٣٢، ٣٩٦)، و «جامع المسائل» (٦/ ٣١٤)، و «منهاج السنة» (١/ ٥٣١)، و «بدائع الفوائد» (٤١٥)، و «هداية الحيارى» (٢١)، و «طريق الهجرتين» (٦٤٣)، و «أحكام أهل الذمة» (١٣٠٥).
(٣) البيتان لأبي تمام في «ديوانه» بشرح التبريزي (٣/ ٨٦).
(٤) انظر: تفسير القرآن من «الجامع» لابن وهب (١/ ١٠٠)، و «مصنف ابن أبي شيبة» (١٢/ ٢١٢ - ٢١٥)، و «تفسير الطبري» (٨/ ٤٩٧ - ٥٠٠)، و «السنة» للخلال (١/ ١٠٦)، و «مستدرك الحاكم» (١/ ١٢٣)، وغيرهما. وهذا التفسير يؤخذُ من مجموع أقوالهم، لا من آحادها.