للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا في جانب البيت، وإنه ليخفى عليَّ بعضُ كلامها، فأنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} (١).

والثاني: سمعُ الفهم؛ كقوله: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} [الأنفال: ٢٣]، أي: لأفهَمَهم، {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}، لِمَا في قلوبهم من الكِبْر والإعراض عن قبول الحقِّ.

ففيهم آفتان: إحداهما: أنهم لا يفهمونَ الحقَّ لِجَهْلهم، ولو فهموه لتولَّوا عنه لكِبْرِهم (٢)، وهذا غايةُ النقص والعيب.

والثالث: سمعُ القبول والإجابة؛ كقوله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} [التوبة: ٤٧]، أي: قابلون (٣) لهم، مستجيبون.

ومنه قوله: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} [المائدة: ٤١]، أي: قابلون له، مستجيبون لأهله.

ومنه قول المُصَلي: «سمع الله لمن حمده»؛ أي: أجاب اللهُ حمدَ من حَمِدَه، ودعاءَ من دعاه، وقولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قال الإمام: سمعَ الله لمن


(١) أخرجه البخاري في «صحيحه» (٩/ ١٤٤) تعليقًا مجزومًا به، ووصله أحمد (٦/ ٤٦)، والنسائي (٣٤٦٠)، وابن ماجه (١٨٨).
وصححه الحاكم (٢/ ٤٨١)، وابن حجر في «التغليق» (٥/ ٣٣٩).
(٢) فالآفة الأولى: الجهل. والثانية: الكِبْر.
(٣) (ت، ق): «قايلون»، بتسهيل الهمز. وفي الموضع الثاني بتحقيقها. وهو خطأ محض.