للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الله تعالى: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ} [العنكبوت: ٣٨].

وهذه المرتبةُ أخصُّ من الأولى، وأعمُّ من الثالثة، وهي هدى التوفيق والإلهام؛ قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس: ٢٥]، فعَمَّ بالدعوة خلقَه، وخَصَّ بالهداية من شاء منهم.

وقال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: ٥٦]، مع قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢]، فأثبتَ هدايةَ الدعوة والبيان، ونفى هدايةَ التوفيق والإلهام. وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في تشهُّد الحاجة: «من يهد اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له» (١).

وقال تعالى: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} [النحل: ٣٧]، أي: من يضلُّه اللهُ لا يهتدي أبدًا.

وهذه الهدايةُ الثالثةُ هي الهدايةُ الموجبةُ المستلزمةُ للاهتداء، وأما الثانية فشرطٌ لا مُوجِب، فلا يستحيلُ تخلُّفُ الهدى عنها، بخلاف الثالثة فإنَّ تخلُّفَ الهدى عنها مستحيل.

المرتبة الرابعة: الهدايةُ في الآخرة إلى طريق الجنة والنار.

قال الله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ


(١) أخرجه مسلم (٨٦٧، ٨٦٨) من حديث جابر وابن عباس.