للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالسَّيف الذي في غِلافه، وكلُّ شيءٍ في غِلافٍ فهو أغلف، وجمعه غُلْف، يقال: سيفٌ أغلف، وقوسٌ غَلْفاء، ورجلٌ أغلَف وأقلَف: إذا لم يختتن. والمعنى: قلوبنا عليها غشاوةٌ وغطاء، فلا تفقه ما تقولُ يا محمد ــ - صلى الله عليه وسلم - ــ. ولم يصنع شيئًا من قال: «إنَّ المعنى أنها غُلُفٌ للعلم والحكمة، أي: أوعيةٌ لها، فلا نحتاجُ إلى قولك ولا نقبله، استغناءً بما عندهم» (١)؛ لوجوه (٢):

أحدها: أنَّ {غُلْفٌ} جمعُ أغلف، كقُلْف وأقلَف، وحُمْر وأحمَر، وجُرْد وأجرَد، وغُلْب وأغلَب، ونظائره. والأغلفُ من القلوب هو الداخلُ في الغلاف. هذا هو المعروف من اللغة.

الثاني: أنه ليس من الاستعمال السائغ المشهور أن يقال: «قلبُ فلانٍ غلافٌ لكذا»، وهذا لا يكادُ يوجدُ في شيءٍ من نثر كلامهم ولا نظمه، ولا نظيرَ له في القرآن فيُحْمَلُ عليه، ولا هو من التشبيه البديع المُسْتَحْسَن؛ فلا يجوزُ حملُ الآية عليه.

الثالث: أنَّ نظيرَ قول هؤلاء قولُ الآخرين من الكفار: {قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} [فصلت: ٥]، والأكنَّةُ هنا: هي الغُلُفُ التي قلوبُ هؤلاء فيها، والأكنَّةُ كالأوعية والأغطية التي تغطِّي المتاع، ومنه «الكِنانة» لغلاف السِّهام.


(١) رُوِي هذا عن ابن عباس من وجهٍ لا يثبت، وعن عطية العوفي. انظر: «تفسير الطبري» (٢/ ٣٧٣).
(٢) انظر: «شفاء العليل» (٢٩٥ - ٢٩٦).