للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تخيُّل عظمته وفضله وإرادة تعظيم الخلق له ومَحْمَدَتِهم (١).

فلا يخرجُ مرضه عن شهوةٍ، أو شبهةٍ، أو مركَّبٍ منهما.

وهذه الأمراضُ كلُّها متولِّدةٌ عن الجهل، ودواؤها العلم، كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حديث صاحب الشَّجَّة الذي أفتوه بالغسل، فمات: «قتَلوه قتَلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؟! إنما شفاءُ العِيِّ السؤال» (٢)؛ فجعلَ العِيَّ ــ وهو عِيُّ القلب عن العلم، واللسان عن النطق به ــ مرضًا، وشفاؤه سؤالُ العلماء.

فأمراضُ القلوب أصعبُ من أمراض الأبدان؛ لأنَّ غايةَ مرض البدن أن يُفْضِي بصاحبه إلى الموت، وأمَّا مرضُ القلب فيُفْضِي بصاحبه إلى الشقاء الأبديِّ، ولا شفاءَ لهذا المرض إلا بالعلم.

ولهذا سمَّى اللهُ تعالى كتابَه شفاءً لأمراض الصدور، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: ٥٧].

ولهذا السبب نسبةُ العلماء إلى القلوب كنسبة الأطبَّاء إلى الأبدان، وما


(١) (ح): «ومدحتهم».
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٣٣٠)، وأبو داود (٥٧٢)، وغيرهما من حديث ابن عباس.
وفيه اختلافٌ كثير، والأشبه صحة القدر الذي أورده المصنف وهو أصل الحديث، أما آخره فمعلول.
انظر: «الأوسط» لابن المنذر (٢/ ٢٢)، و «علل ابن أبي حاتم» (١/ ٣٧)، و «سنن الدارقطني» (١/ ١٨٩)، و «الخلافيات» (٢/ ٤٩٠)، و «بيان الوهم والإيهام» (٢/ ٢٣٦).