للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيبذُل نفسَه (١) دونه.

فمن الناس من يسمحُ بنفسه وماله، ومنهم من يبخلُ بنفسه وماله، ومنهم من يسمحُ بماله ويبخلُ بنفسه، وعكسُه. والأقسامُ الأربعةُ موجودةٌ في الناس.

* ثمَّ ذكر ضِلَعَ الدَّين وغلبةَ الرجال.

فإنَّ القهرَ الذي ينالُ العبدَ نوعان:

أحدهما: قهرٌ بحقٍّ؛ وهو ضِلَعُ الدَّين.

والثاني: قهرٌ بباطل؛ وهو غلبةُ الرجال.

فصلواتُ الله وسلامُه على من أوتيَ جوامعَ الكلم، واقتُبِسَت كنوزُ العلم والحكمة من ألفاظه.

والمقصودُ أنَّ الغفلةَ والكسلَ ــ اللذَين هما أصلُ الحرمان ــ سببهما عدمُ العلم؛ فعاد النقصُ كلُّه إلى عدم العلم والعزيمة، والكمالُ كلُّه إلى العلم والعزيمة.

والناسُ في هذا على أربعةِ أضرُب:

الضربُ الأول: من رُزِقَ علمًا، وأُعِينَ مع ذلك (٢) بقوَّة العزيمة على العمل به؛ وهذا الضربُ هم خلاصةُ الخلق، وهم الموصوفون في القرآن بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، وقوله: {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} [ص: ٤٥]، وبقوله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي


(١) في الأصول: «فيبدا بنفسه». وفي طرَّة (ح): «لعله: فيفدا». والمثبت أشبه.
(٢) (ت، ق، ح): «على ذلك».