للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* قولُه: «محبةُ العلم ــ أو العالِم ــ دِينٌ يدانُ بها»؛ لأنَّ العلمَ ميراثُ الأنبياء، والعلماءُ وُرَّاثُهم، فمحبةُ العلم وأهله محبةٌ لميراث الأنبياء وورثتهم، وبغضُ العلم وأهله بغضٌ لميراث الأنبياء وورثتهم.

فمحبةُ العلم من علامات السعادة وبغضُ العلم من علامات الشقاوة، وهذا كلُّه إنما هو في علم الرُّسل الذي جاؤوا به، وورَّثوه للأمَّة، لا في كلِّ ما يسمَّى علمًا.

وأيضًا؛ فإنَّ محبةَ العلم تحملُ على تعلُّمه واتِّباعه، وذلك هو الدِّين، وبغضُه ينهى عن تعلُّمه واتِّباعه، وذلك هو الشقاءُ والضلال.

وأيضًا؛ فإنَّ الله سبحانه عليمٌ يحبُّ كلَّ عليم، وإنما يضعُ علمَه عند من يحبُّه، فمن أحبَّ العلمَ وأهلَه فقد أحبَّ ما أحبَّ الله، وذلك مما يُدانُ به.

* قولُه: «العلمُ يُكْسِبُ العالِمَ الطَّاعةَ في حياته، وجميل الأُحدوثة بعد مماته»؛ يُكْسِبه ذلك، أي: يجعلُه كسبًا له، ويورِّثُه إياه. ويقال: كَسَبَه ذلك عزًّا وطاعةً، وأَكْسَبه. لغتان.

ومنه حديثُ خديجة رضي الله عنها: «إنك لتَصِلُ الرَّحِم، وتَصْدُقُ الحديث، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتُكْسِبُ المعدوم» (١)، رُوِي بفتح التاء وضمِّها، ومعناه: تُكْسِبُ المالَ والغِنى. هذا هو الصواب.

وقالت طائفة: من رواه بضمِّها فذلك من: أَكْسَبه (٢) مالًا وعزًّا، ومن رواه بفتحها فمعناه: تَكْسِبُ أنت المالَ المعدومَ بمعرفتك وحِذْقِك


(١) أخرجه البخاري (٣)، ومسلم (١٦٠) من حديث عائشة.
(٢) (ق، د): «أكسبته».