للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دار الغرور؛ كما في الأثر المشهور: «إذا دخلَ النورُ القلبَ انفسحَ وانشرح»، قيل: وما علامةُ ذلك؟ قال: «التجافي عن دار الغرور، والإنابةُ إلى دار الخلود، والاستعدادُ للموت قبل نزوله» (١).

وهذه هي الحالُ التي كانت تحصلُ للصحابة رضي الله عنهم عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكَّرهم الجنةَ والنار؛ كما في الترمذيِّ وغيره من حديث الجُريري، عن أبي عثمان النهدي، عن حنظلة الأسدي ــ وكان من كُتَّاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ــ أنه مرَّ بأبي بكرٍ رضي الله عنه وهو يبكي، فقال: ما لك يا حنظلة؟ فقال: نافقَ حنظلةُ يا أبا بكر، نكونُ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكِّرنا بالجنة والنار كأنَّا رأي عَيْن، فإذا رجعنا إلى الأزواج والضَّيعة نسينا كثيرًا، قال: فوالله إنَّا لكذلك، انطلِقْ بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلقنا، فلمَّا رآه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما لك يا حنظلة؟ قال: نافقَ حنظلةُ يا رسول الله، نكونُ عندك تذكِّرنا بالنار والجنة كأنَّا رأي عَيْن، فإذا رجعنا عافَسْنا الأزواجَ والضَّيعة ونسينا كثيرًا، قال: فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو تدومون على الحال التي تقومون بها من عندي لصافحتْكم الملائكةُ في مجالسكم وفي طرقكم وعلى فُرشكم، ولكنْ يا حنظلةُ ساعةً وساعة». قال الترمذي: «حديثٌ حسنٌ صحيح» (٢).


(١) أخرجه وكيع (١٥)، وابن المبارك (٣١٥) كلاهما في «الزهد»، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ق: ١١٥/ب)، وغيرهم.
وفي إسناده اختلاف، والصوابُ أنه مرسل، ولا يثبتُ رفعه.
انظر: «علل الدارقطني» (٥/ ١٨٩)، و «شرح علل الترمذي» لابن رجب (٢/ ٧٧٣). وراجع التعليق على «الوابل الصيب» (١٤٤).
(٢) «جامع الترمذي» (٢٥١٤). وهو في «صحيح مسلم» (٢٧٥٠).