للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

درجتَه في المهديِّين، واخلُفْهُ في أهله».

فالله تعالى هو خليفةُ العبد؛ لأنَّ العبدَ يموتُ فيحتاجُ إلى من يَخْلُفه في أهله.

قالوا: ولهذا أنكر الصدِّيقُ رضي الله عنه على من قال له: «يا خليفةَ الله»، قال: «لستُ بخليفة الله، ولكن خليفةُ رسول الله، وحسبي ذلك» (١).

قالوا: وأمَّا قولُه تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠]، فلا خلافَ أنَّ المرادَ به آدمُ وذريته. وجمهورُ أهل التفسير من السَّلف والخلف على أنه جعله خليفةً عمن كان قبله (٢) في الأرض. قيل: عن الجنِّ الذين كانوا سُكَّانها. وقيل: عن الملائكة الذين سكنوها بعد الجنِّ، وقصَّتهم مذكورةٌ في التفاسير (٣).

وأمَّا قولُه تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ} [الأنعام: ١٦٥]، فليس المرادُ به خلائفَ عن الله، وإنما المرادُ به أنه جعلكم يَخْلُفُ بعضُكم بعضًا، فكلَّما هلك قرنٌ خَلَفه قرنٌ إلى آخر الدهر.


(١) أخرجه أحمد في «المسند» (١/ ١٠)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (١٤/ ٥٦٨)، والخلال في «السنة» (١/ ٢٧٤)، وغيرهم بإسنادٍ منقطع.
وقد كان الصحابةُ رضي الله عنهم ينادونه: «يا خليفة رسول الله»، عقد الحاكمُ للروايات في ذلك فصلًا في «المستدرك» (٣/ ٧٩)، وصحَّح بعضها ولم يتعقَّبه الذهبي.
(٢) (ت): «فمن كان قبله». (ن): «ممن كان قبله». (د، ق): «خليفته ممن كان قبله». والمثبت أشبه.
(٣) انظر: «تفسير الطبري» (١/ ٤٥٠)، و «الدر المنثور» (١/ ٤٤).