للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتنةَ العالم الفاجر والعابد الجاهل، فإنَّ فتنتهما فتنةٌ لكلِّ مفتون» (١)؛ فإنَّ الناسَ إنما يقتدون بعلمائهم وعبَّادهم، فإذا كان العلماءُ فَجَرةً والعبَّادُ جَهَلةً عمَّت المصيبةُ بهما وعَظُمَت الفتنةُ على الخاصَّة والعامَّة.

والصنفُ الثالث: الذين لا علمَ لهم ولا عمل؛ وإنما هم كالأنعام السائمة.

والصنفُ الرابع: نُوَّابُ إبليس في الأرض؛ وهم الذين يثبِّطون الناسَ عن طلب العلم والتفقُّه في الدين، فهؤلاء أضرُّ عليهم من شياطين الجنِّ، فإنهم يحُولون بين القلوب وبين هدى الله وطريقه.

فهؤلاء الأربعةُ أصنافٍ (٢) هم الذين ذكرهم هذا العارفُ رحمةُ الله عليه (٣)، وهؤلاء كلُّهم على شفا جُرفٍ هار، وعلى سبيلِ هَلَكة، وما يلقى العالِمُ الداعي إلى الله ورسوله ما يلقاه من الأذى والمحاربة إلا على أيديهم، والله يستعملُ من يشاءُ في سخطه كما يستعملُ من يحبُّ (٤) في مرضاته، إنه بعباده خبيرٌ بصير.

ولا ينكشفُ سرُّ (٥) هذه الطوائف وطريقتُهم إلا بالعلم؛ فعاد الخيرُ بحذافيره إلى العلم ومُوجَبه، والشرُّ بحذافيره إلى الجهل ومُوجَبه.


(١) تقدم تخريجه (ص: ٤٠١).
(٢) (ح): «الأربعة الأصناف».
(٣) للذهبيِّ في «السير» (١٤/ ٥٢٥) تعليقٌ لطيفٌ على كلام هذا العارف.
(٤) (ت): «من يشاء».
(٥) (ق، ن): «شر»، بالمعجمة. والتعبير بانكشاف السرِّ مألوفٌ في كتب المصنف، وهو الأليق هنا.