للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال خيثمة بن سليمان: سمعت ابن أبي الخناجر يقول: كنَّا في مجلس يزيد بن هارون، والناسُ قد اجتمعوا، فمرَّ أميرُ المؤمنين فوقف علينا في المجلس، وفي المجلس أُلوفٌ، فالتفت إلى أصحابه، وقال: هذا المُلْك (١).

وفي «تاريخ بغداد» (٢) للخطيب: حدثني أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد، قال: سمعت الحسن بن علي المقراء يقول: سمعت أبا الحسين بن فارس يقول: سمعت الأستاذ ابن العميد يقول: ما كنتُ أظنُّ أن في الدنيا حلاوةً ألذَّ من الرِّياسة والوزارة التي أنا فيها، حتى شهدتُ مذاكرةَ سليمان بن أيوب بن أحمد الطبراني وأبي بكر الجِعَابي بحضرتي، فكان الطبرانيُّ يغلبُ الجِعَابيَّ بكثرة حفظه، وكان الجِعَابيُّ يغلبُ الطبرانيَّ بفطنته وذكاء أهل بغداد، حتى ارتفعت أصواتُهما ولا يكادُ أحدُهما يغلبُ صاحبه، فقال الجِعَابي: عندي حديثٌ ليس في الدنيا إلا عندي، فقال: هاته، فقال: حدثنا أبو خليفة: حدثنا سليمانُ بن أيوب، وحَدَّثَ بالحديث، فقال الطبراني: أنا سليمانُ (٣) بن أيوب ومنِّي سمعَ أبو خليفة، فاسمعْ منِّي حتى يَعْلُوَ إسنادُك، فإنك تروي عن أبي خليفة عنِّي! فخَجِلَ الجِعَابيُّ وغَلَبه الطبراني.

قال ابن العميد: فوددتُ في مكاني أنَّ الوزارةَ والرِّياسةَ ليتها لم تكن لي


(١) أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (٢٢٠).
(٢) لم أره في مطبوعته. وهو في «الجامع» للخطيب (٢/ ٤١٣)، ومن طريقه رواه جماعة. والقصة في «التدوين في أخبار قزوين» (٢/ ٨١) في سياقٍ ممتع.
(٣) في «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ١٢٤)، و «طبقات الحنابلة» (٣/ ٩٤): «أخبرنا سليمان»، وهو من تصرُّف النسَّاخ أو المحققين، ظنُّوا «أنا» في هذا الموضع اختصارًا لـ «أخبرنا». وهو مفسدٌ للمعنى كما ترى.