للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} [الحجر: ٧٨ - ٧٩]، أي: بطريقٍ واضحٍ لا يخفى على السالك. ولا يسمَّى الطريقُ: أمَّة.

الثاني: أنَّ «الأمَّة» فيه زيادةُ معنى؛ وهو الذي جمع صفات الكمال من العلم والعمل بحيث بقي فيها فردًا وحده، فهو الجامعُ لخصالٍ تفرَّقت في غيره، فكأنه بايَنَ غيره باجتماعها فيه وتفرُّقها أو عدمها في غيره.

ولفظُ «الأمَّة» يُشْعِرُ بهذا المعنى؛ لِمَا فيه من الميم المُضعَّفة الدَّالَّة على الضمِّ بمخرجها وتكريرها، وكذلك ضَمُّ أوله؛ فإنَّ الضَّمة من الواو، ومخرجُها ينضمُّ عند النطق بها، وأتى بالتاء الدَّالَّة على الوَحْدَة كالغُرفة واللُّقمة، ومنه الحديث: «إنَّ زيد بن عمرو بن نفيلٍ يُبعثُ يوم القيامة أمَّةً وحده» (١).

فالضمُّ والاجتماعُ لازمٌ لمعنى «الأمَّة»، ومنه سمِّيت «الأمَّة» التي هي آحادُ الأمم؛ لأنهم الناسُ المجتمعون على دينٍ واحدٍ أو في عصرٍ واحد (٢).

الثاني: قوله: {قَانِتًا لِلَّهِ}، قال ابن مسعود: «القانت المطيع» (٣). والقنوتُ يفسَّر بأشياء كلها ترجعُ إلى دوام الطاعة.


(١) رُوِي من وجوهٍ كثيرة. من أحسنها ما أخرجه أبو يعلى في «المسند» (٩٧٣)، وحسنه الهيثمي في «المجمع» (٩/ ٤١٧) عن سعيد بن زيد رضي الله عنه.
وانظر: مسانيد أحمد (١/ ١٨٩)، والبزار (١٣٣١)، والطيالسي (٢٣١)، و «البداية والنهاية» (٣/ ٣٢٦).
(٢) (ق، د): «على دين واحد وفي عصر واحد أو على دين واحد».
(٣) جزءٌ من الأثر السابق في تفسير «الأمة».