للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن منافعها: أنها تكون حُصونًا من الأعداء، يتحرَّزُ فيها عبادُ الله من أعدائهم كما يتحصَّنون بالقِلاع، بل تكونُ أبلغَ وأحصنَ من كثيرٍ من القِلاع والمدن.

ومن منافعها: ما ذكره الله تعالى في كتابه أنه جَعَلها للأرض أوتادًا تثبِّتها، ورواسي بمنزلة مراسي السُّفن، وأعْظِم بها منفعةً (١) وحكمة.

هذا، وإذا تأمَّلْتَ خِلْقَتها العجيبةَ البديعةَ على هذا الوضع وجدتها في غاية المطابقة للحكمة:

فإنها لو طالت واستَدَقَّت كالحائط، لتعذَّر الصُّعودُ عليها والانتفاعُ بها وسَتَرَت عن النَّاس الشمسَ والهواءَ فلم يتمكَّنوا من الانتفاع بها.

ولو بُسِطَت على وجه الأرض، لضيَّقت عليهم المزارعَ والمساكن، ولملأت السَّهْل، ولما حصل لهم بها الانتفاعُ من التَّحصُّن والمغارات والأكنان، ولما سَتَرَت عنهم الرياح، ولما حَجَبَت السُّيول.

ولو جُعِلَت مستديرةً على الكُرة (٢) لم يتمكَّنوا من صُعودها، ولما حَصَل لهم بها الانتفاعُ التَّام.

فكان أولى الأشكال والأوضاع بها وأليقَها وأوقعَها على وَفْق المصلحة هذا الشكلُ الذي نُصِبَت عليه.

ولقد دعانا الله سبحانه في كتابه إلى النَّظر فيها وفي كيفيَّة خلقها؛ فقال: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ


(١) (ح، ن): «من منفعة».
(٢) (ح): «شكل الكرة». (ن): «مثل الكرة».