للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشجرةُ من ورقها فَسَدَت الثَّمرةُ ولم يُنتفَع بها.

وانظر كيف جُعِلَت وقايةً لِمَنبِت الثَّمرة الضعيف (١) من اليُبْس، فإذا ذهبَت الثَّمرةُ بقي الورقُ وقايةً لتلك الأفنان الضعيفة من الحرِّ، حتى إذا طَفِئت تلك الجمرةُ ولم يَضُرَّ الأفنانَ عُرْيُها عن ورقها سُلِبَتها (٢) لتكتسيَ لباسًا جديدًا أحسنَ منه.

فتبارك الله ربُّ العالمين الذي يعلمُ مَساقِط (٣) تلك الأوراق ومَنابِتَها، فلا تخرجُ منها ورقةٌ إلا بإذنه ولا تسقطُ إلا بعلمه، ومع هذا فلو شاهدها العبادُ على كثرتها وتنوُّعها وهي تسبِّحُ بحمد ربها (٤) مع الثِّمار والأفنان والأشجار لشاهدوا من جمالها أمرًا آخر، ولرأوا خِلْقَتها بعَيْنٍ أخرى، ولعلموا أنها لشأنٍ عظيمٍ خُلِقَت (٥)، وأنها لم تُخْلَق سُدى.

قال تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: ٦]؛ فالنَّجمُ ما ليس له ساقٌ من النَّبات، والشجرُ ما له ساقٌ (٦)، وكلُّها ساجدةٌ لله مسبِّحةٌ بحمده: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: ٤٤].


(١) (ن، ح): «الضعيفة».
(٢) (ن، ح): «سلبها».
(٣) (ت، ح، ن): «ساقط».
(٤) (ت): «بحمد ربها وتقدسه».
(٥) كتب فوقها في (د) بخطٍّ دقيق: «أي: للاعتبار».
(٦) رُوِي هذا عن ابن عباس، واختاره الطبري (٢٣/ ١٢).