للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: دوامُ لباسها وزينتها، فلا يسقطُ عنها صيفًا ولا شتاءً، كذلك المؤمنُ لا يزولُ عنه لباسُ التقوى وزينتُها حتى يُوافي ربَّه تعالى.

الرابع: سهولةُ تناول ثمرتها وتيسيره؛ أمَّا قصيرُها فلا يُحْوِجُ المتناوِلَ أن يَرقاها، وأمَّا باسِقُها فصعودُه سهلٌ بالنسبة إلى صعود الشَّجر الطِّوال وغيرها، فتراها كأنها قد هُيِّئت منها المراقي (١) والدَّرَجُ إلى أعلاها؛ وكذلك المؤمنُ خيرُه سهلٌ قريبٌ لمن رام تناوله لا بالعَسِر (٢) ولا باللئيم.

الخامس: أنَّ ثمرتها من أنفع ثمار العالم؛ فإنه يؤكلُ فاكهةً رطبةً (٣) وحلاوةً يابسة؛ فيكونُ قُوتًا وأُدْمًا وفاكهة، ويُتَّخَذُ منه الخَلُّ والنَّاطِفُ (٤) والحلوى، ويدخلُ في الأدوية والأشربة، وعمومُ المنفعة به وبالعنب فوق كلِّ الثِّمار.

وقد اختلف النَّاسُ في أيهما أنفعُ وأفضل؟ وصنَّف الجاحظُ في المحاكمة بينهما مجلَّدًا (٥)، فأطال فيه الحِجَاجَ والتفضيل من الجانبين.

وفصلُ النِّزاع في ذلك أنَّ النَّخل في مَعْدِنه ومحلِّ سلطانه أفضلُ من


(١) (ح، ن): «فتراها كأنها منها المراقي».
(٢) (ق، ت): «بالغر». (د): «بالغز». وكلاهما خطأ.
(٣) (ق): «رطبه فاكهة». وسقطت «رطبة» من (ت).
(٤) ضربٌ من الحلوى. انظر: «المعجم الوسيط» (نطف)، وحواشي «الحيوان» (٣/ ٣٧٦)، و «نشوار المحاضرة» (٣/ ٢٧١).
(٥) وهو كتاب «الزرع والنخل»، ولم يُعْثَر عليه بعد. واختار فيه تفضيل النخل؛ فعابه بذلك بعض الناس. انظر: رسائله (١/ ٢٣١، ٢٤٠)، و «الحيوان» (١/ ٤)، و «إرشاد الأريب» (٢١١٨).