للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أضعاف أضعاف ذلك مما لا يحصيه العباد.

فسَلِ المعطِّل: من جَعَل هذه المنافعَ والقُوى في هذه النَّباتات والحشائش والحبوب والعُروق؟! ومن أعطى كلًّا منها خاصيَّته؟! ومن هدى العباد ــ بل الحيوان ــ إلى تناول ما ينفعُ منه (١) وتَركِ ما يضرُّ؟! ومن فَطَّن لها النَّاسَ (٢) والحيوانَ البهيم؟! وبأيِّ عقلٍ وتجربةٍ كان يُوقَفُ على ذلك ويُعْرَفُ ما خُلِقَ له ــ كما زعمَ من قلَّ نصيبُه من التَّوفيق ــ لولا إنعامُ الذي أعطى كلَّ شيءٍ خَلْقَه ثمَّ هدى؟!

وهَبْ أنَّ الإنسانَ فَطِنَ لهذه الأشياء بذهنه وتجاربه وفكره وقياسه، فمن الذي فَطَّن لها البهائمَ (٣)، في أشياء كثيرةٍ منها لا يهتدي إليها الإنسان؟!

حتى صار بعض السِّباع يتداوى من جراحه ببعض تلك العقاقير من النَّبات فيبرَأ (٤)، فمن الذي جَعَله يقصدُ ذلك النَّباتَ دون غيره؟!

وقد شُوهِد بعض الطير يحتقنُ عند الحُصْرِ بماء البحر، فيسهلُ عليه الخارج (٥)، وبعض الطَّير يتناولُ إذا اعتلَّ شيئًا من النَّبات فتعودُ صحَّتُه (٦).

وقد ذكر الأطبَّاءُ في مباداء الطِّبِّ في كتبهم من هذا عجائب (٧).


(١) (ت): «ينتفع منه».
(٢) (د، ق، ت): «ومن فطن لها من الناس».
(٣) (ت): «لهذه البهائم».
(٤) انظر: «شفاء العليل» (٢٥٤).
(٥) انظر: «شفاء العليل» (٢٥١).
(٦) انظر: «الحيوان» (٧/ ٣٢).
(٧) انظر: «زاد المعاد» (٤/ ١١).