للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويكفي من فطنتها ما قصَّ الله سبحانه (١) في كتابه من قولها لجماعة النَّمل ــ وقد رأت سليمان عليه الصَّلاةُ والسَّلام وجنودَه ــ: {يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: ١٨].

فتكلَّمت بعشرة أنواعٍ من الخطاب في هذه النَّصيحة: النِّداء، والتَّنبيه، والتَّسمية، والأمر، والنَّص، والتَّحذير، والتَّخصيص، والتَّعميم (٢)، والاعتذار.

فاشتملت نصيحتُها مع الاختصار على هذه الأنواع العشرة (٣).

ولذلك أعجبَ سليمانَ قولُها، وتبسَّم ضاحكًا منه، وسأل الله أن يُوزِعَه شُكرَ نعمته عليه لمَّا سمعَ كلامها (٤).

ولا تُستبعَدُ هذه الفطنةُ من أمَّةٍ من الأمم تسبِّحُ بحمد ربها كما في «الصَّحيح» (٥) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نزل نبيٌّ من الأنبياء تحت شجرة، فلدغته نملة، فأمر بجَهازه (٦) فأُخرِج، ثمَّ أحرقَ قريةَ النَّمل، فأوحى الله إليه: مِنْ أجل أنْ لدغتكَ نملةٌ أحرقتَ أمَّةً من الأمم تسبِّح!، فهلَّا نملةً واحدة؟!».


(١) (ح، ن): «ما نص الله عز وجل».
(٢) (ت): «والتفهيم» بدل «والتعميم». وكذا في (ق)، ثم أصلحت في طرتها. (د): «والتفهم»، وفي الطرة: «لعله: والتعميم».
(٣) والاختصار عاشر الأنواع. وانظر لهذه اللطيفة: «اجتماع الجيوش الإسلامية» (٣٢٨)، و «شفاء العليل» (٢٣٧)، و «المدهش» (٢١٠)، و «زاد المسير» (٦/ ١٦٢).
(٤) (ح): «لما سمع من كلامها».
(٥) صحيح البخاري (٣٠١٩)، ومسلم (٢٢٤١) من حديث أبي هريرة.
(٦) أي: متاعه ورَحْله.