للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دمَه؛ فهذا يحكي صيدَ الأشراك والشِّباك (١)، والأوَّل يحكي صيدَ الكلاب والفُهود.

ولا تزدرِيَنَّ العبرةَ بالشيء الحقير من الذَّرَّة والنملة (٢) والبعوض والعنكبوت؛ فإنَّ المعنى النفيسَ يُقتَبسُ من الشيء الحقير، والازدراءُ بذلك ميراثٌ من الذين استنكرت عقولهم ضربَ الله تعالى في كتابه المثلَ بالذُّباب والعنكبوت والكلب والحمار؛ فأنزل الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: ٢٦]، فما أغزرَ الحِكَم وأكثرَها في هذه الحيوانات التي تزدريها وتحتقرُها (٣)! وكم مِنْ دلالةٍ فيها على الخالق وحكمته ولطفه ورحمته!

فسَلِ المعطِّل: من ألهمَها هذه الحِيَل والتلطُّفَ في اقتناص صيدها الذي جُعِل قوتَها؟! (٤) ومن جعل هذه الحِيَل فيها بدل ما سَلَبها من القوَّة والقدرة، فأغناها بما أعطاها (٥) من الحيلة عما سَلَبها من القوَّة والقدرة سوى اللطيف الخبير؟!


(١) (ر، ض): «الأشراك والحبائل».
(٢) «والنملة» ليست في (ح، ن).
(٣) (ت، ح): «وتحقرها».
(٤) (ت): «فوقها». (ح، ن): «قوامها».
(٥) (ح، ن): «ما أعطاها».