للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحاكوهُ لتعذَّر عليهم؟!

فتأمَّل ريشَ الطاووس كيف هو، فإنك تراه كنَسْج الثَّوب الرفيع من خيوطٍ رِفاعٍ جدًّا (١)، قد أُلِّف بعضُها إلى بعضٍ كتأليف الخيط إلى الخيط، بل الشَّعرة إلى الشَّعرة، ثمَّ ترى النَّسجَ إذا مَدَدتَه ينفتحُ قليلًا قليلًا ولا ينشقُّ؛ ليتداخَله الهواءُ، فيُقِلُّ (٢) الطَّائر إذا طار، فترى في وسط الرِّيشة عمودًا غليظًا متينًا (٣) قد نُسِجَ عليه ذلك الثَّوبُ الذي (٤) كهيئة الشَّعر ليُمْسِكه بصلابته؛ وهو القَصَبةُ التي تكونُ في وسط الرِّيشة، وهو مع ذلك أجوفُ؛ ليشتمل على الهواء، فيحمل الطَّائر.

فأيُّ طبيعةٍ فيها هذه الحكمةُ والخبرةُ واللُّطف؟!

ثمَّ لو كان ذلك في الطبيعة كما يقولون (٥) لكانت من أدلِّ الدَّلائل وأعظم البراهين على قدرة مبدعها ومنشئها وعلمِه وحكمته، فإنه لم يكن لها ذلك من نفسها، بل إنما هو لها ممَّن خلقها وأبدعها.

فما كذَّبه المعطِّل هو أحدُ البراهين والآيات التي (٦) على مثلها يزدادُ إيمانُ المؤمنين. وهكذا آياتُ الله يضلُّ بها من يشاء ويهدي من يشاء.


(١) (ر، ض): «سلوك دقاق». وهي الخيوط.
(٢) (د، ت، ق): «فيقتل». (ح): «فيثقل». (ن): «فينتقل». والمثبت من (ر، ض)، وهو الصواب، وانظر آخر الفقرة.
(٣) (ت): «منبنيا». (ح، ن): «مبنيا».
(٤) (ح، ن): «التي». وسقطت من (ق).
(٥) (ق، ت): «تقولون».
(٦) «التي» ليست في (ق).