للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «نعم، إذا رأت الماء» (١)، فضحكت أمُّ سلمة، فقالت: أو تحتلمُ المرأة؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فبِمَ يُشْبِهُ الولد؟!».

فهذه الأحاديثُ الثَّلاثة تدلُّ على أنَّ الولدَ يُخلقُ من الماءين، وأنَّ الإذكارَ والإيناثَ يكونُ بغلبة أحد الماءين وقَهْرِه للآخر وعلوِّه عليه، وأنَّ الشَّبه يكون بالسَّبق، فمن سبقَ ماؤه إلى الرَّحم كان الشَّبهُ له.

وهذه أمورٌ ليس عند أهل الطَّبيعة ما يدلُّ عليها، ولا يعلمُه إلا بالوحي (٢)، وليس في صناعتهم أيضًا ما ينفيها.

على أنَّ في النَّفس من حديث ثوبان ما فيها، وأنه يُخافُ أن لا يكون أحدُ رواته حَفِظه كما ينبغي، وأن يكون السُّؤالُ إنما وقعَ فيه عن الشَّبه لا عن الإذكار والإيناث، كما سأل عنه عبد الله بن سلام، ولذلك لم يخرجه البخاري (٣).

وفي «الصحيحين» (٤) من حديث عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن


(١) (ح، ن): «الماء الأصفر». وليست هذه الرواية في الصحيحين، وأخرجها الطبراني في «الكبير» (٢٣/ ٢٩٧).
(٢) كذا في الأصول. أي: ولا يَعْلم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذه الأمور إلا بالوحي. وفي (ط): «ولا تُعْلَمُ إلا بالوحي».
(٣) وقال ابن تيمية عن الإذكار والإيناث في الحديث: «في صحَّة هذا اللفظ نظر». نقله عنه المصنف في «الطرق الحكمية» (٥٨٤)، و «إعلام الموقعين» (٤/ ٢٦٩). وانظر: «أيمان القرآن» (٥١١)، و «تحفة المودود» (٢٢١)، و «التمهيد» (٨/ ٣٣٥)، و «تفسير القرطبي» (١٦/ ٥٠).
(٤) «صحيح البخاري» (٣١٨)، و «صحيح مسلم» (٢٦٤٦).