للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأقطار والجهات حتى قلَّب حواسَّه الخمسَ في جهاته السِّتِّ وضربها فيها (١) لشدَّة فكره.

فصل (٢)

ثمَّ أُعِينَت هذه الحواسُّ بمخلوقاتٍ أُخَر منفصلةٍ عنها تكونُ واسطةً في إحساسها (٣)؛ فأُعِينَت حاسَّةُ البصر بالضياء والشُّعاع، فلولاه لم ينتفع النَّاظرُ ببصره، فلو مُنِعَ الضياءَ والشُّعاع لم تنفع (٤) العينُ شيئًا.

وأُعِينَت حاسَّةُ السَّمع بالهواء يحملُ الأصواتَ في الجوِّ، ثمَّ يلقيه إلى الأذن فتحويه ثمَّ تلقيه إلى القوَّة السَّامعة، ولولا الهواءُ لم يسمع الرَّجلُ شيئًا.

وأُعِينَت حاسَّةُ الشمِّ بالنَّسيم اللطيف يحملُ الرائحة، ثمَّ يؤدِّيها إليها، فيدركُها، فلولا هو لم يشمَّ شيئًا.

وأُعِينَت حاسَّةُ الذَّوق بالرِّيق المتحلِّل في الفم، تُدْرِكُ القوَّةُ الذَّائقةُ به طُعومَ الأشياء، ولهذا لم يكن له طعمٌ لا حلوٌ ولا حامضٌ ولا مالحٌ ولا حِرِّيف (٥)؛ لأنه كان يُحِيلُ (٦) تلك الطُّعومَ إلى طعمه فلا يحصلُ به مقصوده.


(١) (د، ق): «وضربها فيه». (ح): «وضروبها فيها». (ت): «وضرب فيها». (ن): «وضروبها فيه». ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) «الدلائل والاعتبار» (٤٨)، «توحيد المفضل» (٢٢ - ٢٣).
(٣) (ت، ح، ن): «أجسامها». وهو تحريف.
(٤) (ح، ق، ت): «ينفع». وأهمل الحرف الأول في (د).
(٥) وهو الذي يلذعُ اللسانَ بحرارة مذاقه. «اللسان» (حرف).
(٦) (ن، ح): «يتحلل». تحريف.