للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأهدابَ (١) كالرُّفوف عليها إذا انفتحت؟!

ومن الذي ركَّب طبقاتها المختلفة طبقةً فوق طبقةٍ حتى بلغت عدد السَّموات سبعًا، وجعل لكلِّ طبقةٍ منفعةً وفائدة، فلو اختلَّت طبقةٌ منها لاختلَّ البصر؟!

ومن شقَّهما في الوجه أحسنَ شقٍّ (٢)، وأعطاهما أحسنَ شكل، وأودع الملاحةَ فيهما، وجعلهما مِرآةً للقلب، وطليعةً وحارسًا للبدن، ورائدًا يرسلُه كالجُنْد في مهمَّاته، فلا يتعبُ ولا يَعْيَا (٣) على كثرة ظعنه وطول سفره؟!

ومن أودع النُّور الباصر فيه في قَدْر جِرْم العَدَسَة، فيرى به السَّموات والأرض والجبال والشمس والقمر والبحار والعجائب مِنْ داخل سبع طبقات، وجعلهما في أعلى الوجه بمنزلة الحارس على الرَّابية العالية ربيئةً (٤) للبدن؟!

ومن حجب المَلِك في الصَّدر، وأجلسه هناك على كرسيِّ المملكة، وأقام جُنْدَ الجوارح والأعضاء والقُوى الباطنة والظَّاهرة في خدمته، وذلَّلها له، فهي مؤتمِرةٌ إذا أمرها، منتهيةٌ إذا نهاها، سامعةٌ له مطيعة، تكدَحُ وتسعى في مرضاته، فلا تستطيعُ له خلافًا (٥)، ولا خروجًا عن أمره.


(١) جمع هُدْب، وهو شعر أشفار العين. «اللسان» (هدب).
(٢) (ت، ق، د): «أحسن شيء».
(٣) (ق): «ولا يعنى».
(٤) (ن): «زينة». وانظر ما مضى (ص: ٧٥٠).
(٥) (ن، ت، ح): «خلاصًا». وهو تحريف.