للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اختصارها ووجازتها وفصاحتها ــ على أنَّ مراتبَ الوجود بأسرها مسندةٌ إليه تعالى خلقًا وتعليمًا.

وذكر خَلقَين وتعليمَين: خَلقًا عامًّا وخَلقًا خاصًّا، وتعليمًا خاصًّا وعامًّا.

وذكر مِنْ صفاته هاهنا: اسمَ {الْأَكْرَمُ} الذي فيه كلُّ خيرٍ وكلُّ كمال؛ فله كلُّ كمالٍ وُصِف (١)، ومنه كلُّ خيرٍ فُعِل (٢)، فهو الأكرمُ في ذاته وأوصافه وأفعاله، وهذا الخَلقُ والتعليمُ إنما نشأ مِنْ كرمه وبِرِّه وإحسانه، لا من حاجةٍ دَعَتْهُ إلى ذلك، وهو الغنيُّ الحميد.

وقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: ١ ــ ٤]، دلَّت هذه الكلماتُ على إعطائه سبحانه مراتبَ الوجود بأسرها:

* فقوله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} إخبارٌ عن الإيجاد الخارجيِّ العَينيِّ، وخَصَّ الإنسانَ بالخَلق لِمَا تقدَّم.

* وقوله: {عَلَّمَ الْقُرْآنَ} إخبارٌ عن إعطاء الوجود العلميِّ الذِّهنيِّ؛ فإنما تعلَّم الإنسانُ القرآنَ بتعليمه، كما أنه إنما صار إنسانًا بخَلقه، فهو الذي خلقه وعلَّمه.

* ثمَّ قال: {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}، والبيانُ هنا يتناولُ مراتبَ ثلاثةً كلٌّ منها يسمَّى بيانًا:


(١) (ق): «وصفا».
(٢) (ق، د): «فعلا».